الدوحة، قطر، 2 نوفمبر 2024: افتتح متحف الفن الإسلامي اليوم معرض “روائع الأطلس: رحلة عبر تراث المغرب”، وهو معرض بارز يستكشف تقاليد المغرب الفنية والثقافية الغنية.وحضرت حفل الافتتاح سعادة الشيخة المياسة بنت حمد بن خليفة آل ثاني، رئيس مجلس أمناء متاحف قطر ومبادرة الأعوام الثقافية. ويأتي المعرض في إطار العام الثقافي قطر-المغرب 2024، وهو تبادل ثقافي دولي صُمم لتعميق التفاهم بين الدول وشعوبها. ويقع جناح “دار المغرب” في حديقة متحف الفن الإسلامي بالدوحة، كفضاء ثقافي مؤقت يهدف إلى تسليط الضوء على التراث الثقافي الغني للمغرب وإبراز إبداعاته المتنوعة. يمتد الجناح على مساحة 1300 متر مربع، ويستلهم تصميمه من قصر “آيت بن حدّو” الشهير، أحد مواقع التراث العالمي لليونسكو في المغرب. يعكس الجناح تقنيات البناء التقليدية المغربية بالطين، التي تبرز جمال الهندسة المعمارية المحلية وتاريخها العريق.
ويأتي هذا المشروع ضمن فعاليات العام الثقافي “قطر-المغرب 2024″، الذي يهدف إلى تعزيز التبادل الثقافي والفني بين قطر والمغرب من خلال سلسلة من الأنشطة والفعاليات التي تحتفي بالموروث الثقافي المغربي، وتشجع الجمهور على اكتشاف جوانب متعددة من حضارة المغرب الفنية والتاريخية. ومن المتوقع أن يقدم جناح “دار المغرب” مجموعة من العروض والورشات والأنشطة التفاعلية التي تتيح للزوار فرصة استكشاف التراث المغربي عن قرب، والتعرف على الحرف التقليدية، والفنون المغربية الأصيلة.
يضم معرض “روائع الأطلس” نحو 200 قطعة من التحف والمخطوطات والحُلي والصور الفوتوغرافية والآلات الموسيقية، يُعرض بعضها لأول مرة، ويروي المعرض تاريخ المغرب النابض بالحياة وإرثه الثقافي الباقي رغم الزمن. ويضم المعرض إعارات رئيسية من مؤسسات مغربية بارزة، مثل المؤسسة الوطنية للمتاحف والمكتبة الوطنية بالرباط. وستُتوج هذه القطع النادرة بأعمال تعرض لأول مرة من مجموعات متاحف قطر ومتحف الفن الإسلامي ومتحف لوسيل المستقبلي، منها غطاء رأس عَلَوي مزين برُصَيعات ذهبية وأحجار كريمة، وحُلي أمازيغية فضية، بالإضافة إلى دعامات خشبية من مبنى في فاس يعود تاريخه إلى الفترة الممتدة من القرن الحادي عشر إلى الثالث عشر. وعلى الرغم من اقتناء متاحف قطر لهذه الدعامات كل على حدة، فقد ثبت أنها تعود للهيكل نفسه أثناء عملية الترميم قبيل المعرض الذي أشرفت على تقييمه فنيًا الدكتورة منية شخاب أبو دية، نائب مدير متحف الفن الإسلامي للشؤون المتحفية، وسيقام المعرض في الفترة من 2 نوفمبر 2024 إلى 8 مارس 2025.
وقالت شيخة النصر، مدير متحف الفن الإسلامي: “يأتي هذا المعرض تكريمًا للإنجازات الفنية الهائلة والمتنوعة التي حققها المغرب على مدى قرون من تاريخه الثقافي الزاخر. ومن خلال عرض قطع صنعت بحرفية عالية، من الحُلي البديعة إلى قَدَائِمِ المخطوطات، فإننا نقدم إطلالة نادرة من صميم التراث الفني المغربي. وندعو الزوار لاستكشاف هذه الكنوز والتأمل في التراث الثقافي الفريد للمغرب وهو يواصل تألقه على الساحة العالمية.”
وأضافت الدكتورة منية شخاب أبو دية: “يقوم مفهوم المعرض على اصطحاب الزوار في رحلة لاستكشاف المغرب من خلال شعبه ومناظره الطبيعية ومساهماته العلمية ونتاجه الفني. وأثناء الإعداد للمعرض، أخذنا على عاتقنا مهمة سارّة ولكنها تتسم بالصعوبة، إذْ كان علينا الاختيار من بين مجموعة كبيرة من القطع من مجموعات مقتنيات المغرب ومتاحف قطر. وسيعرض حوالي 60 إلى 70 بالمائة من القطع التي يضمها هذا المعرض لأول مرة”.
يضم المعرض عملًا خاصًا كُلّف به الفنان نور الدين أمير، الذي يستخدم الملابس في ابتكار أعماله الفنية. وقد ابتكر أمير عملًا فنيًّا تركيبيًا من الألواح التي صنعت من مواد مغربية عضوية خام باستخدام تقنيات النسيج التقليدية.
وقال الفنان نور الدين: “تحدد المواد التي أستخدمها كيفية تشكيل كل قطعة من الملابس. يأتي هذا النهج من مهمتي المتمثلة في إيقاظ دافعنا الفطري لإعادة الاتصال بالطبيعة والأرض، وهو أمر متجذر عميقًا في تراثي، وكلي حماس لمشاركته مع زوار معرض “روائع الأطلس” في متحف الفن الإسلامي.”
وقد قُسِّم المعرض إلى خمسة أقسام تركز على موضوعات مختلفة:
- “وجوه المغرب: المناظر الطبيعية والمجتمع” ينقل الزوار في رحلة بصرية حية للتعرف على شعب المغرب وعلى المناظر الطبيعية ذات التنوع البيئي فيه. يقدم هذا القسم صورًا رائعة لفنانين مشهورين مثل برونو باربي وإرفينغ بن وللا السعيدي، راسمًا لمحات عن الحياة اليومية للمجتمعات العربية والأمازيغية في المغرب.
- “روح المغرب: الملوك والأولياء والعلماء” يأخذ الزوار عبر التاريخ الغني للسُّلالات الحاكمة في المغرب، وهي فترة تميزت بازدهار الدراسات الدينية والتقدم العلمي الرائد. برزت مدينتا فاس ومراكش كمركزين محوريين للتعلم، حيث أنشأ حكامهما بيئة خصبة للاكتشافات العلمية في الفلك والرياضيات والطب. ويضيء هذا القسم على الإرث الفكري لذلك العصر، ويسلط الضوء على جامعة القرويين، التي أسستها الرائدة فاطمة الفهري في عام 859، والتي تعدّ أقدم مؤسسة في العالم تواصل منح الدرجات العلمية حتى الآن.
- “خيوط التقاليد: براعة الحرف اليدوية في المغرب” هو القسم الأكبر والأكثر ثراءً في المعرض، وهو مخصص لتقاليد الحرف اليدوية في المغرب. وستكون من بين المعروضات أعمال جلدية ومنسوجات وقطع من السجاد والخزف والحُلي والمشغولات الخشبية، لتكون خير شاهد على البراعة الحرفية التي ازدهرت في المغرب على مدار أجيال متعاقبة. تعكس القطع الخزفية غنى التراث الإسلامي في المغرب، لا سيما التراث الأمازيغي والأندلسي، بينما تظهر قطع السجاد المنسوجة بحرفية فائقة، دور المغرب كملتقى ثقافي تجتمع فيه التأثيرات الأفريقية والأوروبية والشرق أوسطية. أخيرًا، تعرض قطع الحُلي والأزياء، ومنها الملابس التقليدية مثل قفاطين الزفاف، كيف حافظ المصممون والحرفيون على التقاليد وكيفوها لتلبية الاحتياجات المعاصرة. يعتمد تصميم قاعة العرض على ورش العمل الحرفية والأسواق المغربية، مما يخلق تجربة غامرة.
- “أصوات المغرب التقليدية ” يغوص بنا هذا القسم عميقًا في تراث البلاد الموسيقي المتنوع، ويعرض لنا مجموعة من الآلات الموسيقية من متحف دار الجامعي المرموق في مكناس. يحتفل هذا القسم بالمشهد الموسيقي الفريد للمغرب، من الألحان الكلاسيكية الأندلسية التي يتردد صداها في أثير مدن الشمال، إلى موسيقى “كناوة” الإيقاعية الجنوبية التي تأسر الألباب. وتساهم مقاطع الفيديو المرافقة في بثّ الروح في الآلات الموسيقية، وتحمل الزوار في رحلة سمعية عبر التقاليد الموسيقية المتميزة لمختلف المناطق.
تصدر بالتزامن مع المعرض مطبوعة تتألف من 216 صفحة تحوي مقالات قصيرة للدكتورة منى شخاب أبو دية من متحف الفن الإسلامي تتناول الموضوعات الرئيسية للمعرض، كما تتضمن صورًا وتفاصيل عن قطع المعرض.
كما يقدم متحف الفن الإسلامي، بالشراكة مع العام الثقافي قطر – المغرب 2024، معرض “اكتشف: المغرب” في الفترة من 2 نوفمبر 2024 إلى 26 فبراير 2025. ويضم المعرض أعمال سبعة فنانين ومصممين قطريين قاموا بجولة في المغرب في وقت سابق من هذا العام واكتسبوا مهارات جديدة في الفنون التقليدية والإسلامية وأحاطهم فنانو وحرفيو المغرب الخبراء بها علمًا.