دبي: يمضي عالم الشحن نحو أفقٍ أكثر نقاءً وصداقةً للبيئة، متعهدًا بخفض بصمته الكربونية بشكلٍ ملحوظ بحلول عام 2050. إلّا أنّ هذا المسعى النبيل والجريء يستدعي التزامًا تامًا من عمالقة الشحن البحري حول العالم، إلى جانب بذل جهودٍ حثيثةٍ في سبيل تسريع وتيرة الانتقال نحو الطاقة النظيفة.
يعد مركز “مارسك مكّيني مولير للشحن الخالي من الكربون” إحدى المراكز البحثية الحديثة الرائدة التي تقع في قلب العاصمة كوبنهاجن وتضم نخبةً من أهم الجهات الفاعلة في هذا المجال، ويقود الجهود الساعية نحو تخليص قطاع الشحن من الكربون وصياغة مستقبلٍ مستدام بيئيًا للنقل البحري، في مبادرةٍ متميزة ستجري مناقشتها في الدورة الــ 28 من مؤتمر الأمم المتحدة للتغيّر المناخي “COP 28 ” الذي سيعقد في دبي في نوفمبر المقبل.
و أكّد السيد توربان نورجارد، الرئيس التنفيذي للشؤون التقنية لقطاع الطاقة والوقود في مركز “مارسك مكّيني مولير للشحن الخالي من الكربون”، أنّ قطاع الشحن البحري في الدنمارك قد أحرز تقدمًا ملموسًا في الحد من بصمته الكربونية،
وقال: “لقد انتقلنا من المحادثات والنقاشات النظرية إلى تطبيق التقنيات المستدامة بيئيًا على أرض الواقع في العمليات التشغيلية، والاستثمارات، وحشد الموارد، ولم يعد تقدم قطاع الشحن العالمي قيد النظريات الافتراضية، بل بات قوةً دافعةً للتغيير المنشود”.
ويمكن تسريع رحلة التخلص من البصمة الكربونية من خلال إنشاء “ممرات خضراء” أي طرق تجارية مخصّصة تربط الموانئ الرئيسية التي تسعى جاهدةً لإيجاد حلولٍ من شأنها التخلص من الانبعاثات على مستوى العالم. وفي الوقت الحالي، يشارك المركز في مشاريع مع أهم الجهات الفاعلة التي تمر عبر تشيلي ومناطق المحيط الهادئ وأوروبا والبحر الأبيض المتوسط والنمسا ونيوزيلندا.
كما تطرّق السيد نورجارد للحديث عن التحدي المتمثل في الحصول على الوقود منخفض الانبعاثات، مشيرًا إلى أنّ قطاع النقل البحري يستهلك 5٪ من إنتاج النفط العالمي، الأمر الذي يجعل الاستثمار في بدائل مستدامة ضرورةً ملحّة.
وقال: “إنّ مرونة القطاع البحري تسمح بتبني مجموعة متنوعة من الوقود منخفض الانبعاثات، بما يشمل الزيوت الحيوية والميثان والميثانول والأمونيا، ولكلٍ منها فرصها وتحدياتها الفريدة”.
وتابع حديثه بالقول: ” إنّ الرحلة التي قررنا خوضها تطلب الكثير من الجهد والعمل، ولنتمكن من التخلص من البصمة الكربونية على مستوى الصناعة والوصول إلى الأهداف التي حددتها اتفاقية باريس، علينا تمكين جميع مسارات الوقود البديلة. إذ لا يمكن لأي نوعٍ من أنواع الوقود البديل فعل ذلك بمفرده”.
وعلى الرغم من التحديات القائمة، شدّد السيد نورجارد على التزام قطاع الشحن البحري المتزايد بالتغيير، من خلال وضع المعايير التنظيمية وتشجيع الاستثمار في الوقود والتقنيات المستدامة. وأشار إلى أنّ القطاع البحري يستعد لإطلاق عددٍ من اللوائح التنظيمية مثل اشتراط استخدام الوقود بنسبة 2٪ بحلول عام 2026 و6٪ بحلول عام 2030.
وأضاف: “تتنامى فرصة الانتقال نحو الوقود المستدام بيئيًا وسد الفجوة القائمة من خلال زيادة الاستثمار في السفن، فقد بات السوق جاهزٌ لجهود المطوّرين في دفع هذا الانتقال”.
واختتم السيد نورجارد حديثه بالقول: ” إنّ مهمتنا واضحة وهي إزالة البصمة الكربونية لقطاع النقل البحري بحلول عام 2050، إذ يعد مؤتمر “COP28” المنتظر منصةً هامة تتيح لمركز “مارسك مكّيني مولير للشحن الخالي من الكربون” المساهمة برؤى حيوية وتبادل الخبرات لتسريع الانتقال العالمي نحو مستقبل خال من الانبعاثات الكربونية”.
وعلى الرغم مما تقدّم، فقد تم بالفعل اتخاذ خطوة مهمة في الانتقال نحو الطاقة النظيفة مع إطلاق أول سفينة حاويات على الإطلاق تعمل بالميثانول الأخضر. الأمر الذي يمثل نقطة تحوّل في تطور قطاع النقل البحري.